عن زيارة النساء القبور: هل ورد في ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين. صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (لعن الله زوارات القبور) رواه أحمد، وابن ماجه، والترمذي، وصححه. وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوارات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج) رواه أهل السنن الأربعة: أبو داود، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه.
وقال الترمذي: حديث حسن، وأخرجه أبو حاتم في صحيحه.
وعلى هذا العمل في أظهر قولي أهل العلم أنه نهى زوارات القبور عن ذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإنها تذكركم الآخرة).
فإن قيل: فالنهي عن ذلك منسوخ، كما قال ذلك أهل القول الآخر. قيل: هذا ليس بجيد، لأن قوله: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها) هذا خطاب للرجال دون النساء، فإن اللفظ لفظ مذكر، وهو مختص بالذكور، أو متناول لغيرهم بطريق التبع. فإن كان مختصا بهم فلا ذكر للنساء، وإن كان متناولا لغيرهم كان هذا اللفظ عاما، وقوله: (لعن الله زوارات القبور) خاص بالنساء دون الرجال، ألا تراه يقول: (لعن الله زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج) فالذين يتخذون عليها المساجد والسرج لعنهم الله، سواء كانوا ذكورا أو إناثا، وأما الذين يزورون فإنما لعن النساء الزوارات دون الرجال، وإذا كان هذا خاصا ولم يعلم أنه متقدم على الرخصة كان متقدما على العام عند عامة أهل العلم، كذلك لو علم أنه كان بعدها.
وهذا نظير قوله صلى الله عليه وسلم: (من صلى على جنازة فله قيراط، ومن تبعها حتى تدفن فله قيراطان) فهذا عام والنساء لم يدخلن في ذلك، لأنه ثبت عنه في الصحيح أنه نهى النساء عن اتباع الجنائز.
عن عبد الله بن عمر قال: (سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني نشيع ميتا، فلما
فرغنا انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وانصرفنا معه، فلما توسطنا الطريق إذا نحن بامرأة مقبلة، فلما دنت إذا هي فاطمة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أخرجك يا فاطمة من بيتك؟، قالت: أتيت يا رسول الله، أهل هذا البيت فعزيناهم بميتهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعلك بلغت معهم الكدى، أما إنك لو بلغت معهم الكدى ما رأيت الجنة، حتى يراها جد أبيك) رواه أهل السنن، ورواه أبو حاتم في صحيحه، وقد فسر " الكدى " بالقبور. والله أعلم.